من هنا، شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، أسمع التونسيون أصواتهم للعالم قبل ثماني سنوات، وها هم اليوم يُحْيُون هذه الذكرى من الشارع ذاته.
هنا تختلف المشاهد والصور في الذكرى الثامنة للثورة، فأطراف سياسية كالجبهة الشعبية والحزب الجمهوري، خرجت للاحتجاج على ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بعد الثورة.
أما حركة النهضة فاختارت أن تُحْيِيَ هذه الذكرى بالاحتفال والدعوة إلى حوار وطني شامل.
وتحِلّ ذكرى الثورة في تونس هذا العام على وقْع وضع اجتماعي محتقَن، وترقُّب لإضراب عامٍّ أكد اتحاد الشغل أنه ماض في تنفيذه يوم الخميس القادم، مع التلويح بتصعيد أشمل وأوسع: "وأنّا ماضون بعد تنفيذه؛ إلى خطوات تصعيدية أخرى أشمل وأوسع من أجل تحقيق مطالبنا.. أحبَّ مَن أحبَّ وكَرِهَ مَن كَرِه".
التحذير من خطورة الوضع الاجتماعي وتداعياته الاقتصادية جاء واضحا في حديث رئيس الجمهورية بهذه المناسبة، إذ أشار السبسي إلى ما وصفه بسيناريوهات خطيرة للإضراب العام كتلك التي وقعت عام ثمانية وسبعين: "يلزمنا أن نعمل بكل جهودنا لنتجنب أن نقع في حالاتٍ تُشابِه ما وقعنا فيه في 26 جانفيه (يناير) عام 78، ولذلك يلزمنا أن نتجنبها لأن مضارّها أكثر من فوائدها، لو استجبنا لكل المطالب".
المشهد الفسيفسائي الذي بدت عليه فعاليات إحياء ذكرى الثورة في تونس هو انعكاس لما أصبح عليه واقع التونسيين خلال هذه السنوات؛ فاليوم يختلف الجميع بشأن حجم المطالب وأولوياتها، لكنهم يتفقون على أهمية ما تحقق من مكاسب رغم بعض المطبّات.
في الذكرى الثامنة للثورة التونسية يطرح كثيرون السؤال ذاته: ما الذي تغيّر؟ قد يوحي الانقسام الحاصل في الشارع اليوم بملامح الجواب؛ فالمسار ما زال يراوح بين ما تحقق وبين ما يزال منشودا.